عبق نيوز| إسرائيل / سوريا | يرى محللون أن التزام إسرائيل بالدفاع عن الطائفة الدرزية في سوريا، رغم أنه يُفسَّر جزئيًا بالضغوط السياسية الداخلية، يرمي بالأساس إلى تحقيق هدف استراتيجي بعيد المدى يتمثل في إضعاف البلد العربي المجاور.
وفي ظلّ الحرب المستمرة منذ 19 شهرا مع حركة حماس في قطاع غزة، كثّفت إسرائيل ضرباتها على سوريا منذ الإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد في ديسمبر.
بعد اندلاع مواجهات دامية في سوريا على خلفية طائفية في مارس، هدّدت إسرائيل بالتدخّل عسكريا في سوريا “إذا أقدم النظام على المساس بالدروز”.
في الثالث من مايو، بعد اشتباكات متجدّدة، شنّت إسرائيل غارة على محيط القصر الرئاسي في العاصمة السورية. وقال رئيس الوزراء بنيامين نتانياهو “هذه رسالة واضحة للنظام السوري. لن نسمح بنشر قوات جنوب دمشق أو بتهديد الطائفة الدرزية بأيّ شكل من الأشكال”.
وعلّق جيرار آرو، السفير الفرنسي السابق في تل أبيب والأمم المتحدة وواشنطن، عبر منصة “إكس”، قائلا “إسرائيل التي تغاضت عن المجازر في الحرب الأهلية، تؤجّج النزاعات الطائفية في سوريا”.
في 29 أبريل، قال وزير المالية الإسرائيلي المنتمي الى اليمين المتطرف بتسلئيل سموطريتش الذي يشغل أيضا منصب نائب وزير الدفاع، إن الحرب “لن تنتهي إلا عندما يتم تفكيك سوريا، وهزم حزب الله بشكل حاسم، وإزالة التهديد النووي الإيراني، وتطهير غزة من حركة حماس”.
ويؤكد وزير الخارجية جدعون ساعر باستمرار على “ضرورة حماية” الأقليات الكردية والعلوية والمسيحية والدرزية في سوريا. ومنذ العام 2013، نشر مقالا بعنوان “وداعا سوريا”، دعا فيه إلى تقسيم البلاد إلى كيانات متعددة على أسس عرقية ودينية، وإلى “حكم ذاتي درزي في جنوب غرب سوريا”.
وإسرائيل وسوريا في حالة حرب منذ العام 1967، تاريخ احتلال إسرائيل لجزء من هضبة الجولان السورية، وإن كانت الحدود بينهما ظلت هادئة لسنوات طويلة. وشاركت دمشق، الجارة الأكبر لإسرائيل من الشمال الشرقي، في ثلاث حروب عربية-إسرائيلية ضد الدولة العبرية، أولها بين عامي 1948-1949، والثانية في يونيو 1967، وحرب أكتوبر 1973.
وضمّت إسرائيل الجولان عام 1981.
ومنذ عام 2013، نفذت إسرائيل آلاف الضربات الجوية في سوريا خلال سنوات النزاع الداخلي الدامي، وكثفت هجماتها عام 2015 بعد إرسال طهران آلاف المقاتلين لدعم حكم بشار الأسد. وأعلنت مرارا أنها لن تسمح بتجّر إيران قرب حدودها.
بعد سقوط حكم الأسد، سيطرت إسرائيل على المنطقة العازلة المنزوعة السلاح والتي تتواجد فيها قوات الأمم المتحدة لمراقبة فضّ الاشتباك في الجولان، ونفّذت مئات الضربات ضد أهداف عسكرية في سوريا، بذريعة منع انتقال سلاح الدولة إلى السلطات الجديدة التي تتهمها بالتطرف.
ويتواجد الدروز أتباع طائفة متفرعة من المذهب الاسماعيلي، ثاني أكبر الفروع لدى الشيعة بعد الاثني عشرية، بشكل رئيسي في سوريا ولبنان وإسرائيل.
في إسرائيل، يشكّلون أقلية ناطقة بالعربية يبلغ عددها أكثر من 150,000.
ويتوزّع الدروز على أكثر من 20 قرية في الجليل وجبل الكرمل وهضبة الجولان المحتلة. ويبلغ عدد حاملي الجنسية الإسرائيلية 153 ألفا، وفق دائرة الاحصاء المركزي.
يضاف إليهم نحو 23 ألفا في الجولان، غالبيتهم العظمى تحمل إقامات إسرائيلية دائمة.
وبحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان، أسفرت الاشتباكات التي اندلعت في 28 أبريل بين مسلحين دروز وعناصر أمن ومقاتلين مرتبطين بالسلطة، عن مقتل 126 شخصا في صحنايا وجرمانا قرب دمشق، وفي معقل الدروز في السويداء في جنوب غرب البلاد.
بعد هذه الاشتباكات، وصف الشيخ حكمت الهجري، أحد أبرز القادة الروحيين الدروز في السويداء، أعمال العنف الجارية بـ”هجمة إبادة غير مبررة”، ودعا إلى تدخل “قوات دولية لحفظ السلم”، مؤكدا أن الدروز “جزء لا يتجزأ من سوريا”.
في إسرائيل، شارك الدروز في تظاهرات طالبوا فيها الحكومة بالدفاع عن أبناء طائفتهم في سوريا.
ومنذ قيام الدولة العبرية عام 1948، يعتبر الدروز موالين للدولة العبرية، وهم يشغلون مناصب في الجيش والشرطة.
ويقول إفرايم عنبار، الباحث في مركز أبحاث الأمن القومي الإسرائيلي، “تشعر دولة إسرائيل بأنها مدينة للدروز ولمساهمتهم الاستثنائية في الجيش الإسرائيلي”.
وبحسب رأيه، فإن الدفاع عن الدروز هو أيضا جزء الاستراتيجية الجيوسياسية الجديدة بعد الأسد، والتي تتمثل في محاولة إسرائيل “حماية الأقليات الدرزية والكردية من الأغلبية السنية”.
ويقول أندرياس كريغ، المحاضر البارز في “كينغز كولدج لندن”، إن إسرائيل لا تتحرك “بدافع إنساني تجاه الطائفة الدرزية”، بل إنها “تستخدم بوضوح (هذه الأقلية) كذريعة لتبرير احتلالها العسكري… لأجزاء من سوريا”.
المصدر / وكالة الصحافة الفرنسية.
Comments are closed.