مؤتمر طرابلس لدعم استقرار ليبيا “دعوة لعودة السفارات وإبعاد لشبح الحرب” – تحليل

Libyan Prime Minister Abdul Hamid Dbeibah, center, hosts an international conference with western, regional and United Nations representatives aimed at resolving Libya's thorniest issues ahead of general elections planned for December, at the Coronthia Hotel in Tripoli, Libya, Thursday, Oct. 21, 2021. (AP Photo/Yousef Murad)

عبق نيوز| ليبيا / طرابلس| رغم تخفيض نحو نصف الدول مستوى تمثيلها في “مؤتمر استقرار ليبيا”، الذي انعقد الخميس، بالعاصمة طرابلس، إلا أن المؤتمر حقق عدة أهداف وأوصل رسائل لأطراف متعددة.

ولعل أبرز تلك الرسائل الموجهة أساسا إلى المجتمع الدولي، أن العاصمة الليبية طرابلس، التي كانت مسرحاولعدة ضربات لتنظيم داعش الإرهابي، واشتباكات بين مجموعات مسلحة منفلتة، استعادت اليوم أمنها واستقرارها.

– نجاح تأمين المؤتمر يفتح الباب أمام عودة السفارات –

فأكبر نجاح تحقق خلال “مؤتمر استقرار ليبيا”، هو عدم وقوع حوادث أمنية تستحق الذكر، باستثناء وصول الوفد الإماراتي إلى مطار معيتيقة الدولي بطرابلس ثم مغادرته دون المشاركة في المؤتمر، أو توضيح سبب الانسحاب المفاجئ.

غير ذلك فإن القوى الأمنية، التي لعب وزير الداخلية السابق فتحي باشاغا، دورا ملموسا في إعادة تشكيلها وتنظيمها وتقويتها، نجحت في تأمين الوفود الأجنبية، وحماية المؤتمر، من أي حوادث غير متوقعة.

فقد شارك 30 وفدا أجنبيا، بينهم وفود أربع منظمات (الأمم المتحدة، الاتحاد الأوروبي، والاتحاد الإفريقي والجامعة العربية)، بالإضافة إلى 26 دولة، نصفها على الأقل كانت ممثلة على مستوى وزراء الخارجية، على غرار: فرنسا وإيطاليا واليونان ومصر والجزائر وتونس والسودان والسعودية والكويت والبحرين، وتشاد والكونغو..

بينما خفضت تركيا والولايات المتحدة وروسيا والصين وبريطانيا وألمانيا والمغرب وقطر.. تمثيلها الدبلوماسي من وزير خارجية إلى نائب وزير وحتى إلى سفير.

إلا أن مشاركة هذا العدد الكبير من الوفود في حد ذاته نجاح لحكومة الوحدة الليبية، سواء من حيث التنظيم أو تأمين الوفود.

وهذه رسالة قوية لعدة دول مازالت مترددة في إعادة فتح سفاراتها في طرابلس، أو استئناف رحلاتها الجوية من وإلى مطار معيتيقة.

وقد نشهد في الفترة القريبة المقبلة، فتح عدة دول سفاراتها وقنصلياتها بطرابلس ومدن أخرى مثل مدينة مصراتة (200 كلم شرق طرابلس)، إضافة إلى عودة الخطوط الجوية الأجنبية تدريجيا لتسيير رحلاتها إلى مطار معيتيقة وغيره من مطارات البلاد، ونفس الأمر بالنسبة للشركات النفطية الأجنبية.

فمؤتمر استقرار ليبيا، قدم رسالة أمان وطمأنينة، بأن الوضع الأمني في طرابلس على الأقل، تحسن كثيرا، وأن الأجهزة الأمنية أصبحت أكثر كفاءة واحترافية من أي وقت مضى منذ سقوط نظام حكم الزعيم الليبي الراحل “معمر القذافي ” على يد حلف شمال الأطلسي في عام 2011.

– إبعاد شبح الحرب –

مشاركة وفود 30 دولة ومنظمة في مؤتمر بطرابلس، بينها دول دعمت عدوان حفتر على العاصمة، رسالة أخرى بأن خيار الحرب ليس مجديا، وأن هذه الدول والمنظمات لا تدعمه بل ترفضه وتعارضه.

فحفتر الذي لوح أكثر من مرة بالعودة إلى الحرب، واستعرض قوة مليشياته أكثر مرة منذ اندحاره من الأحياء الجنوبية لطرابلس في 2020، يبدو معزولا بين دعوات السلام التي أطلقها رؤساء الوفود الثلاثين، بمن فيهم داعموه.

ورغم غياب حفتر عن المؤتمر رفقة حليفه عقيلة صالح رئيس مجلس النواب، إلا أنه سعى لتسجيله حضوره في مثل هذه المناسبات بطريقته الخاصة.

فقد أجرت قوات الجيش الوطني الليبي بقيادة المشير حفتر شرق البلاد، قبل يومين من “مؤتمر استقرار ليبيا”، مناورات عسكرية، استعرضت فيها طائرات ميغ29، المتعددة المهام، وهي أحدث طائرة عسكرية في ليبيا، ولم تكن تملكها حتى في عهد الزعيم الليبي “معمر القذافي” .

وهذا ما يؤكد الاتهامات الأمريكية لروسيا بتزويدها قوات الجيش الوطني الليبي في شرق البلاد هذا النوع من الطائرات الحديثة نسبيا، في خرق للقرارات الأممية بحظر توريد الأسلحة إلى ليبيا، وهو ما نفته موسكو مرارا.

لكن هذه المناورات لا تعدو أن تكون بغرض الاستعراض وإثبات الحضور، فمازالت الحكومة تملك قوة الردع بفضل حليفها التركي.

كما أن المجتمع الدولي، بأطيافه المؤثرة على المشهد الليبي، كان حاضرا في طرابلس، ووجه رسالة مفادها أن لا مزيد من المغامرات الدموية في العاصمة.

فقد تم الإعلان خلال المؤتمر عن وصول طليعة المراقبين الدوليين إلى طرابلس، والذين سيتم نقلهم قريبا إلى خطوط التماس في مدينة سرت (450 كلم شرق طرابلس)، لتعزيز اتفاق وقف إطلاق النار.

يستضيف رئيس الوزراء الليبي عبد الحميد دبيبة مؤتمرا دوليا مع ممثلين غربيين وإقليميين وممثلين عن الأمم المتحدة بهدف حل القضايا الشائكة في ليبيا قبل الانتخابات العامة المزمع إجراؤها في ديسمبر ، في فندق كورونثيا بطرابلس ، ليبيا ، الخميس 21 أكتوبر 2021. يوم الجدول عدد من القضايا الخلافية ، بما في ذلك الحفاظ على وقف إطلاق النار في البلاد ، وتوحيد العديد من الجماعات المسلحة ، وانسحاب المقاتلين الأجانب. (AP Photo / يوسف مراد)

 

– شرعية جديد لحكومة الدبيبة –

لا شك أن نجاح مؤتمر استقرار ليبيا، منح رئيس حكومة الوحدة عبد الحميد الدبيبة، شرعية إضافية، إلى جانب شرعيته التي اكتسبها من ملتقى الحوار الذي ترعاه الأمم المتحدة.

فعقب محاولة رئيس البرلمان الليبي المنتخب عقيلة صالح، ومجموعة من النواب سحب الثقة من حكومة الوحدة الوطمية التي يترأسها عبد الحميد الدبيبة، رد عليهم بمظاهرات في عدة مدن طالبت برحيل مجلس النواب، فاكتسب بذلك شرعية شعبية.

واليوم من خلال مؤتمر استقرار ليبيا، اكتسب شرعية دولية، عزز بها موقفه أمام محاولات الإطاحة به حتى قبل موعد الانتخابات المقررة في 24 ديسمبر المقبل، ومحاولة نائب رئيس حكومة الوحدة حسين القطراني، ووكيل وزارة الداخلية فرج قعيم، المحسوبين على حفتر، الضغط عليه والتلويح بتشكيل حكومة موازية في الشرق باءت بالفشل.

لم تلق هذه التهديدات صدى قويا من المجتمع الدولي بما فيه الدول الداعم للجيش الوطني الليبي بقيادة المشير حفتر مثل روسيا والسعودية ومصر وربما حتى الإمارات.

ومن شأن نجاح المؤتمر أن يلطف الأجواء بين الدبيبة والقطراني، حيث أرسل الأول وفدا حكومياً مكوناً من عشرة أشخاص برئاسة نائبه رمضان أبو جناح، إلى مدينة بنغازي (شرق) للاجتماع مع القطراني، لحثه على العودة إلى منصبه في طرابلس، وحل الإشكالات العالقة بينهما.

– إجراء الانتخابات في موعدها أو تأجيلها –

بالرغم من أن البيان الذي تلته وزيرة الخارجية الليبية نجلاء المنقوش، في ختام أعمال مؤتمر استقرار ليبيا، نص على ضرورة “إجراء الانتخابات في موعدها”، إلا أن هناك من يرى أن المؤتمر عمليا أعطى ضوءا أخضر لحكومة الوحدة للاستمرار لما بعد 24 ديسمبر.

إذ لم يبق سوى نحو 60 يوما على موعد الانتخابات ولم يتم الاتفاق على قاعدة دستورية، ناهيك عن التشكيك في قوانين الانتخابات الرئاسية والبرلمانية، من عدة أطراف فاعلة في الغرب الليبي على غرار المجلس الأعلى للدولة (نيابي استشاري).

فعمليا من الصعب الحديث عن تنظيم انتخابات دستورية ونزيهة ومتوافق عليها في 24 ديسمبر ومقبولة النتائج، حتى ولو أجريت، لأنها في مثل هذه الحالة، ستكون بوابة لأزمة جديدة، وليست مفتاح لمرحلة الاستقرار.

فقد كان لافتا إجراء خالد المشري، رئيس مجلس الدولة، لقاءات مكثفة مع عدد من ممثلي الدول التي زارت طرابلس، على غرار نائب وزير الخارجية التركي سادات أونال، ووزير الخارجية الجزائري رمطان لعمامرة، ووزير خارجية الكونغو جون كلود جاكوسو، والمدير العام لوزارة الخارجية المغربية فؤاد يازوغ.

وشدد المشري، خلال هذه اللقاءات على ضرورة أن تنظم انتخابات ديسمبر المقبل “على أسس صلبة ومتينة متفق عليها، تحيل دون الطعن في نتائجها”، وهي رسالة على عدم اعترافه بشرعية قانوني الانتخابات الرئاسية والبرلمانية الذين أصدرتهما رئاسة مجلس النواب.

لذلك فالمرجح أن تستمر حكومة الدبيبة لمرحلة أطول من 24 ديسمبر، بالنظر إلى العوائق الدستورية والتنظيمية والأمنية التي تحول دون تنظيم الانتخابات.

وسيكون من الصعب على  رئيس مجلس النواب، والنواب المحيطين به، الإطاحة بعد 24 ديسمبر بحكومة الدبيبة، التي تقوى يوما بعد يوم، وتحتمي مرة بالشرعية الشعبية ومرة أخرى بالشرعية الدولية، التي وفرها له اجتماع وفود 30 دولة ومنظمة دولية.

المصدر / وكالة الأناظول.

مؤتمر طرابلس لدعم استقرار ليبيا “دعوة لعودة السفارات وإبعاد لشبح الحرب” – تحليل

Comments are closed.

نحن لا نقوم بجمع بياناتك ولا نقوم ببيعها، نحن فقط نستخدم بعض الكوكيز التي قد تساعدنا في تطوير الموقع او تساعدك فيي الحصول على الصفحات بشكل أفضل موافق/ة إقرأ المزيد