الكاتبة الليبية غادة الطبيب تكتب “على قيد الحب ،الدراما السورية للواجهة”

الكاتية الليبية غادة الطبيب / عبق نيوز /-
عبق نيوز| ليبيا / طرابلس| كتبت الكاتبة الصحفية الليبية غادة الطبيب مقالا تحليليا حول الدراما السورية التي عرضت على شاشات التلفزيونات العربية في شهر رمضان الماضي 2022، تحت عنوان “على قيد الحب ،الدراما السورية للواجهة” حاء فيه:
منذ الإعلان عن التحضيرات الأولية لمسلسل على قيد الحب وانضمام الابطال واحدا تلو الآخر، وهو يتصدر السوشل ميديا ويثير التكهنات خاصة مع عودة الكبير #دريد_لحام والقدير #أسامة_الروماني وكوكبة من نجوم الدراما السورية.
يمكن القول أن الجميع كان يتوقع الكثير من هذا العمل ولربما كان على قدر التوقعات ولربما خابت توقعات البعض خاصة مع التصريحات الأخيرة التى ادلى بها كاتب العمل #فادى_قوشقجي عن اقتصاص بعض المشاهد من الحلقة الأخيرة لتسريع رتم الاحداث وتوعد المخرج والمشرفة على العمل وتعهد بنشر السيناريو الكامل كما كتبه هو .
العمل ينتمى للدراما الاجتماعية الحالمة التى افتقدها المشاهد العربي وتميزت بها الدراما السورية فكانت من نقاط القوة والتفرد .
النص للسيناريست فادى قوشقجي والإخراج لباسم السلكا ، أما البطولة فللقدير دريد لحام ، سلوم حداد ، أسامة الروماني، سمر سامى، نادين خوري ، مهيار خضور، وفاء موصلي، ترف التقي وهافال حمدى ومجموعة من نجوم الدراما السورية.
العمل يقع في ثلاثين حلقة، لكن يلاحظ أن احداث الحلقة الاخيرة فعلا مقتضبة وتفتقر إلى ردود فعل الشخصيات على ما آلت إليه الاحداث ، هناك صور منتقصة  واقتطاع واضح كان من الممكن أن يعوضه وجود حلقة اخرى بحيث يكون العمل 31 حلقة بدون مط أو تطويل في الاحداث ، خاصة وان المشاهد كان يتحرق لنهاية أكثر منطقية لقصة كنان وحلا ولقصة نمر وكندا، هذه القصص في رأيي تمثل المحور الرئيسي الذي يرتكز عليه العمل اكثر من محور علاقة الصداقة والمصاهرة بين عائلة أمين الذي يلعب دوره دريد لحام وصديقه الذي يلعب دوره اسامة الرومانى في عودته للدراما بعد غياب سنوات. فقد جاءت النهايات بشكل غير مبرر درامياً خاصة بين حلا وكنان فما كان منطقيا أن  تنتهى هذه القصة العظيمة وتنفصم عرى الحب الوثيق دون مبرر درامى قوى إلا وفاة والد حلا ، الذي يلعب دوره سلوم حداد ، خاصة وأنها استعدت نفسيا بمعرفة الشخصية الحقيقية لوالدها وكونه (قواد) سابق تسبب في ضياع مستقبل اكثر من فتاة من بينهن السيدة التى تلعب دورها الفنانة سمر سامى والتى في رأيي لم تقدم أداءا جديدا ومختلفا عما لعبته في (على صفيح ساخن ) رمضان الماضي ، وإن كان دورها من الادوار التى ساهمت في الوصول لذروة العمل بكشفها حقيقة رجل الاعمال عزام والذي كما اسلفت يلعب دوره سلوم حداد الذي قدم أداءا يضاف لرصيده خلافا للنجم القدير دريد لحام الذي كان حضوره دافئا، خفيفا ولكن غير مؤثر اطلاقا في مصير الشخصيات ، وفي رأيي أن المشهد الرئيسي لشخصيته او الماستر سين بلغة الدراما كان مع حفيدته شام وهى مستلقية في غيبوبتها الطويلة، المشهد يتطلب قدرة خاصة لا تتوفر إلا لدى نجم بحجم دريد لحام ، فهو يؤدى ديالوج طويل منفرداً ويروى لحفيدته قصة خيالية في غرفتها بينما بقية البيت يشتعل حربا ضروسا وقودها الكلمات وتبادل الاتهامات بين الام المكلومة روعة ياسين التى اعاد السلكا اكتشافها في هذا العمل بعيدا عن الادوار الثانوية التى قدمتها عبر السنوات ، وبين العم المتهم بالاهمال ( مهيار خضور) والخالة لينا كرم التى اثبتت انها ممثلة من العيار الثقيل وقدمت دور سيغير مسيرتها ونظرة المخرجين لها فهى الابنة التى تزوجت سرا من شاب متزوج، ينتمى لعائلة من عالم مختلف تماما عن عالم عائلتها لينتهى الامر بطلاقها وهى تحمل طفلا لاذنب له سوى اختياراتها الخاطئة وتعود لتخطأ مرة أخرى عندما تدخل في علاقة مع عم زوجها السابق (سلوم حداد ) مما يُخرجها من دائرة الصفح والغفران التى دخلتها بعد جذب ورد مع والدها ، وللأبد ، في مشهد قاسٍ اداه القدير اسامة الروماني ببراعة منقطعة النظير.
الحوارات كعادة فادى قوشقجي، تنحو في اتجاه النظرة الحالمة والفلسفية بل وتكاد تكون مثالية بافراط، المثالية في الافعال ، في ردود الافعال وفي التصرفات وحتى في الاقوال، مما حدى ببعض الآراء لانتقاد العمل بالقول أن الواقع بعيد كل البعد عن عائلة أمين، فمن ناحية فالعمل اجتماعي يقدم صورة طبقة موجودة في المجتمع السوري ومن ناحية أخرى مُفرط المثالية لحد مخيف، فهل تناسى المشاهد هذه القيم التى تقدمها عائلة أمين واغلب شخوص العمل من فرط ما شاهد من واقع قاتم ومؤلم وقاسٍ أما أنه ما عاد يستسيغ هذه الصورة من الدراما التى تميز بها حاتم على ويم مشهدي وريم حنا .. الخ!
للحقيقة اراد صناع العمل الإشارة للراحل حاتم على ، تقديرا ربما أو امتنانا أو تذكيرا للاعمال التى قدمها من خلال عدة مشاهد ، فصورة الراحل حاتم على تتصدر عدد من الصور في المقهى الذي يعمل به نمر او هافال حمدى في اشارة ذكية لنوعية رواد المقهى أو ميولهم الفنية والثقافية ، كذلك نغمة هاتف احدى الشخصيات النسائية هى موسيقي الفصول الاربعة ، العمل الاجتماعي الاكثر شهرة لحاتم على ، وفي مشهد آخر تتابع الشخصيات مسلسل ( احلام كبيرة ) وهو من الاعمال الاجتماعية الخالدة لحاتم على وهى لفتة اراد بها صناع العمل تأكيد انتماءه لذاك الزمن الذي يفتقده السوريون بشدة بعيداً عن دراما الموت والحروب والسوداوية بالغة القتامة التى قُدمت على امتداد السنوات الماضية.
كادرات العمل كانت لطيفة وواقعية بعيدا عن المبالغة ، تحديدا كادر المقهى في الشام القديمة، الاضاءة كذلك اضافت للعمل فقد كانت ملائمة للاجواء الرومانسية واللطيفة والازياء كذلك تلائم الطبقات التى تنتمى إليها الشخصيات دون بهرجة تنفر المشاهد.
بالإضافة لكونه عملا اجتماعيا خالصاً لكنه يحمل رسالة شديدة الوضوح تتمثل في الشخصية الرمز (شام) وهى هنا الشام قلب سوريا النابض التى تتعرض لغيبوبة طويلة (او الحرب ) ويتصارع أحبائها حولها متناسين انها تحتاج الحب والدفء والدعم ،الذي يقدمه هنا جداها دريد لحام واسامة الرومانى وهما يمثلان شريحة لايستهان بها من السوريين الرافضين للحرب منذ البداية، أما استيقاظ شام في الحلقة الاخيرة فهو ايضا رسالة واضحه لحالة التعافى التى دخلتها سوريا منذ فترة ليست وجيزة  وهو مشهد يمثل الذروة في حالة الخصام والتباغض التى حلت على العائلتين فمع استيقاظ شام تناسى الجميع كل شئ وهو ما يامل المؤلف حدوثه قريبا على الصعيد العام .
بقى أن نشير إلى شارة المسلسل الرائعة التى كتبها بحر الاوديسا ولحنها رضوان نصري وغناها عامر الخياط ، الصوت الذي ارتبط بالتغريبة الفلسطينية واعمال حاتم على وكأن المسلسل كان ينقصه فقط أن يُهدى إلى روحه صراحة ودون مواربة .
قدم العمل مجموعة من الممثلين في رؤية مختلفة مثل مديحة كنيفاتى التى لعبت دور الفتاة التى تبحث عن الكمال والمثالية فتقع في فخ ثلات زيجات فاشلة، كذلك قدم معن عبد الحق وجلال شموط اداءا مميزا على الاقل عما قدموه في اعمال اخرى في ذات الموسم الرمضاني ،اما ترف التقى فكان من الممكن أن تقدم أداءا افضل خاصة وان شخصية كندا التى تلعبها تمر بانفعالات وتغيرات تفرضها عليها الاحداث لكنها أدت اداءا باهتا لم يعلق بذاكرة المشاهد رغم مشاهدها مع هافال حمدى الذي يبشر بنجم صاعد بقوة في السنوات القادمة.
أخيرا يمكن القول أن العمل ككل كان مميزا ويمثل نقلة نوعية بعيدا عما اعتاده المشاهد في السنوات الماضية وربما يمكن القول انه الخطوة الاولى في مشوار الالف ميل لعودة الدراما الاجتماعية التى اعتادها المشاهد العربي لسنوات، ربما قدم حوارات مفرطة المثالية وربما اُقتطعت احداث ومشاهد مهمة من الحلقة الاخيرة لكنه مثّل نسمة دافئة قادمة من زمن نحن إليه جميعا..
الكاتبة الصحفية الليبية غادة الطبيب – عبق نيوز .

Comments are closed.

نحن لا نقوم بجمع بياناتك ولا نقوم ببيعها، نحن فقط نستخدم بعض الكوكيز التي قد تساعدنا في تطوير الموقع او تساعدك فيي الحصول على الصفحات بشكل أفضل موافق/ة إقرأ المزيد