الكاتبة الليبية غادة الطبيب تكتب ” غلطة الشاطر بألف !! “

الكاتبة الليبية غادة أسعد الطبيب /-
عبق نيوز| ليبيا / طرابلس| الكاتبة الليبية غادة أسعد الطبيب كتبت مقالا بعنوان ” غلطة الشاطر بألف !! ” الدراما السورية في رمضان 2020 ، جاء فيه :
يرتبط شهر رمضان بالإنتاج التلفزيونى المنوع الذي يتفاوت بين الدراما وبرامج المقالب والبرامج الحوارية القائمة علي الضيف النجم وقد ارتبطت الدراما السورية ارتباطا عميقا بالشهر الكريم واصبح المشاهد العربي ينتظر  ما سوف تقدمه هذه الصناعة الضخمة التى اثبتت وجودها منذ عقود بداية من صح النوم وحمام الهنا مرورا بدراما البيئة الشامية كأيام شامية وحمام القيشانى وأسع الوراق وباب الحارة وليس انتهاءا بالفنتازيا التاريخية التى ابتدعها المخرج نجدت اسماعيل انزور من الجوارح والكواسر في طفرة تلفزيونية قل نظيرها جعلت المشاركين فيها ايقونة في عالم التمثيل ..
ولا يمكن أن نتطرق للدراما السورية دون أن نذكر الانتاجات الاجتماعية التى تحاكى الواقع وتقدمه بحرفية وبساطة ضاربة في العمق كالفصول الاربعة للراحل خالد تاجا وبسام كوسا وجمال سليمان و نخبة من الوجوه الشابة التى قدمت صورة رائعة للحياة العائلية في تسعينات القرن العشرين .
بالإضافة إلي عدد من الأعمال كأحلام كبيرة ومقعد في الحديقة والطير وابناء القهر  مما يضيق المجال بذكرها هنا ،مشكلة وجدان المشاهد العربي الذي تعلق بابطالها وخلدهم في ذاكرته نتيجة اهتمام صناعها بادق التفاصيل بداية من السيناريو والنجوم المجسدين للشخصيات ختاما بموسيقى البداية والختام والتى رسخها اباطرة الشارات مثل طاهر ماملي واياد الريماوى وغيرهم الكثير .
كذلك كان للدراما السورية حضور لافت في مجال الكوميديا مهما تفاوتت الاراء حول تلك التجارب مثل سلسلة عيلة خمس نجوم وبقعة ضوء وعربيات وببساطة وسلسلة الأعمال الكوميدية التى قدمها الفنان أيمن زيدان مثل جميل وهناء بجزئيه ويوميات مدير عام بجزئيه كذلك اعمال الكاتب د ممدوح حمادة مثل رائعته ضيعة ضائعة وضبو الشناتى الذي اثبت من خلالها أن الكوميديا يمكن ان تقدم رسالة ومضمون كما يمكن أن تضحكك حد البكاء ،مما حجز لها موقعا متقدما نافس الدراما المصرية التى كان لها كبوات هى الأخرى.
في هذه السنة شهدت الدراما السورية سقوطا مروعا خيب آمال الكثير من المتابعين علي الرغم من المبررات التى سيقت كضيق الوقت وقلة الدعم المادي ناهيك عن وباء كوفيد-19 الذي تسبب في تعطيل الكثير من الاعمال التلفزيونية أو تغيير  السيناريو بسبب تعذر السفر أو تصوير المجاميع !
من أهم الاعمال التى خيبت آمال المشاهدين (مسلسل سوق الحرير ) فعلي الرغم من الكوكبة اللامعة من نجوم الدراما السورية التى جمعها الاخوان (الملا)إلا إن المسلسل فشل فشلا ذريعا بسبب ركاكة السيناريو والتطويل غير المبرر في الاحداث والتركيز علي صراع الضرائر علي الرغم من وجود العديد من الخطوط الدرامية التى كان من الممكن التركيز عليها خاصة مع وجود 3 من اقوى النجوم وهم بسام كوسا وسلوم حداد وكاريس بشار بالإضافة الى غنى مرحلة الخمسينات وبداية الستينات في سوريا بالعديد من التغييرات الاجتماعية والسياسية التى كان من الممكن للمؤلفة اللعب عليها ، إلا إن الأخوين (الملا) فضلا المراهنة علي ولع المشاهد العربي بمشاهد النساء وهن يتقاتلن علي رجل واحد ومما زاد الطين بلة التمطيط للجزء الثانى علي الرغم من وجود متسع في الحلقة الاخيرة لانهاء الاحداث وحسمها!
ومن الاعمال الاخرى التى نالت نصيبها من الانتقاد (بروكار)بعدد هائل من الاخطاء الاخراجية ولا منطقية بعض الاحداث وسطحية اغلب الشخصيات الثانوية التى اسند بعضها لممثلين قديرين مثل سليم صبري .
أما بعض الاعمال الأخري كالجوكر ويوما ما ونبض فلم ترقى حتى إلي مستوى  التطلعات بسبب تفاهة الطرح والمضمون وسطحية الشخصيات وكأن مؤلفيها لايملكون ادنى فكرة عن ماهية كتابة السيناريو وصياغة الشخصيات !
ربما كان (مقابلة مع السيد آدم ) هو العمل الدرامى السورى الوحيد الذي نجا من الانتقاد بسبب قوة القصة والسيناريو ووجود النجمين غسان مسعود ومحمد الأحمد ونخبة من الممثلين المجتهدين بالإضافة إلي طرحه لعدة قصص مترابطة ومتشابكة مع جريمة قتل  تعيشها الشخصيات مما قدم وجبة دسمة للمشاهد الذي لم يخب امله اطلاقا .
وفي سياق آخر  فشل العمل الدرامى (حارس القدس) في جذب الانتباه او الاهتمام أو حتى تصدر مواقع التواصل الاجتماعي علي الرغم من الميزانية الضخمة التى رصدت له وهى قرابة 400مليون ليرة سورية وهو مبلغ يقال انه استنفذ ميزانية ادارة الانتاج التلفزيونى !
بالإضافة لوجود نخبة من النجوم علي رأسهم رشيد عساف وسامية جزائري في الادوار الرئيسية ،ربما بسبب تقديمه لقصة المطران هيلاريون كابوتشي (جورج كابوجى ) ومواقفه الوطنية ضد الاحتلال الاسرائيلي وهى قصة ربما واقول ربما ملها المشاهد العربي ولم يعد يرغب في تذكيره بها أو ربما كان توقيت التقديم في شهر رمضان خاطئا !!
خاصة في زحمة الاعمال المنافسة العربية والمصرية مما يقدم للمشاهد وجبة منوعة تلبي رغباته وبالتالى قد تتراجع دراما السيرة الذاتية أو التاريخية لتحتل مراكز متأخرة في نسب المشاهدة .
من ناخية أخرى تسبب وباء كوفيد 19 في تأجيل بعض الاعمال التى كان متوقعا منها حصد النجاح مثل شارع شيكاغو والذي سيقدم مجموعة من نجوم الصف الأول مثل امل عرفة وسلاف فواخرجى وعباس النورى وغيرهم مما جعل المنافسة تقتصر علي بعض الاعمال التى لاترقي إلي المستوى والتى تناولنا بعضها اعلاه .
أما فيما يخص الاعمال المشتركة كالساحر والنحات فلم تفلح في جذب الاهتمام ربما بسبب قنوات العرض التى لا يتابعها المشاهد العربي بالاضافة الى خيبة الأمل التى شعر بها المتابع نتيجة  ضعف القصة في العملين والاكتفاء بـ17حلقة بالنسبة للساحر من بطولة عابد فهد مما جعل قصة العمل مبتورة ومجتزأة ..
بالمقابل فضل صناع (حرملك )في جزءه الثانى اطالة الاحداث والانتظار للجزء الثالث علي الرغم من استنفاذ الشخصيات للمصائر والاقدار المرسومة لها من وجهة نظر معظم المتابعين الذين اجمعوا أن الجزء الثالث بمثابة تسويف ولن يكون له اى اهمية وأنه كان من الاجدى الاكتفاء بتسريع الاحداث دون الحاجة لجزء ثالث لن يقدم أى جديد فاغلب الشخصيات قد وصلت إلي نهاية خطوطها الدرامية ولم يعد المشاهد ينتظر أى تطور فيما يخصها فيما عدا (شخصية عامر رسلان )التى شهدت تطورات سلبية في نهاية الجزء الثانى .
ولا يمكن لنا أن لا نتحدث عن تجربة (ببساطة )في جزءه الثانى والذي رأي البعض أنه استنساخ لـ (بقعة ضوء)لكن باسكتشات اقل زمنيا وببعض الافكار الحديثة نسبيا ولايمكن اغفال الكوكبة من نجوم الكوميديا الذين قام بجمعهم (باسم ياخور ) في لمحة ذكية تحسب له ..
ختاما يمكننا القول ان المشاهد العربي الذي تربى علي الاعمال السورية الدرامية الضخمة كالخوالى وليالي الصالحية وذكريات الزمن القادم وسيرة آل الجلالي وغيرها من الاعمال ،كان ينتظر اعمالا اكثر قوة وجرأة وعمقا مما قدم لهذا الموسم الرمضانى خاصة مع الانتعاشة التى شهدتها الدراما في اعمال المواسم السابقة التى تحاكى واقع سوريا في الحرب مثل مسافة امان وعناية مشددة وفوضى والتى كانت اعمالا فوق الامتياز قدمت الوجه الآخر لسوريا وللسوريين الذين انهكتهم الحرب ومع هذا ظلوا متمسكين بالأمل ..
لذلك كانت غلطة الشاطر بالف غلطة فالمسموح والمعتاد من الهفوات والسقطات لدى الاعمال الدرامية المصرية او الكويتية مثلا  غير مسموح بها في الدراما السورية التى تعلق وارتبط بها  المشاهد العربي  وباتت جزءا لايتجزأ من روتينه اليومى والرمضانى علي وجه الخصوص ..
بقلم الكاتبة الصحافية : غادة أسعد الطبيب – طرابلس / ليبيا .

الكاتبة الليبية غادة الطبيب تكتب ” غلطة الشاطر بألف !! “

Comments are closed.

نحن لا نقوم بجمع بياناتك ولا نقوم ببيعها، نحن فقط نستخدم بعض الكوكيز التي قد تساعدنا في تطوير الموقع او تساعدك فيي الحصول على الصفحات بشكل أفضل موافق/ة إقرأ المزيد