في مسقط رأس القذافي.. لا أمل يذكر حول مستقبل ليبيا

منظر عام للأضرار الناجمة عن القتال في سرت في ليبيا في صورة التقطت يوم 16 يونيو 2022. تصوير: أنجوس مكدوال - رويترز. reuters_tickers

عبق نيوز|ليبيا / سرت| ينتظر السكان الذين يعيشون وسط الأنقاض في الحي رقم 600 في مدينة سرت الليبية منذ سنوات للحصول على مساعدة من أجل رفع الأنقاض وإعادة بناء منازلهم التي دمرتها الحرب، ولكن الآمال في حدوث تغيير تلاشت تقريبا على الرغم من أن الحكومة الليبية الجديدة اتخذت من المدينة مقرا لها.

ويعيش السكان في شقق سكنية بها فجوات ناجمة عن أعيرة نارية تجعلهم يعانون من برد الشتاء وحرارة الصيف في مبان متصدعة جراء القذائف وتبدو غير سليمة من الناحية الهيكلية.

وقال بدر عمر وهو مدرس لغة إنجليزية يعيش في غرفتين خلف جدران إسمنتية مكشوفة‭‭‭ ‬‬‬فيما لا يزال الجزء الأمامي من منزله محطما بعد إصابته بصاروخ “كل حكومة تأتي وتلتقط صورا للدمار ولا تفعل شيئا لنا”.

وتكشف الصعوبات التي يواجهها عمر، الذي يعيش في مدينة تتناوب على إدارتها الفصائل القوية في ليبيا، كيف أن حكام هذا البلد الغني بالنفط يركزون على القتال أو استغلال موارد الدولية على نحو أكبر من تركيزهم على إدارة شؤون البلاد.

وفي هذا الشهر، ومع تفاقم الأزمة السياسية الأخيرة، اتخذت إحدى الحكومتين المتنافستين في ليبيا مدينة سرت الساحلية مقرا لها. وتقع المدينة بالقرب من مكان تثبيت خط المواجهة بعد أن توقف الصراع الرئيسي الأخير في عام 2020.

ويجلب تأسيس البرلمان لحكومة هناك برئاسة فتحي باشاغا ومدعومة من الفصائل المقاتلة في الشرق، دورا جديدا لمدينة عانت من أحلك التقلبات في تاريخ ليبيا الحديث المضطرب.

وشهدت المدينة مقتل أبرز أبنائها وهو معمر القذافي بعد فراره من طرابلس خلال عام 2011 التي دعمها حلف شمال الأطلسي وأطاحت بنظامه وأطلقت شرارة سنوات من العنف.

– ثورة وجهاديون وحرب-

يعيش باشاغا في سرت الآن لأن رئيس الوزراء الليبي الآخر عبد الحميد الدبيبة، الذي عُين العام الماضي من خلال عملية تدعمها الأمم المتحدة، اعترض على الخطوات التي اتخذها البرلمان ورفض التنازل عن السلطة.

وتقيم حكومة باشاغا، التي لا تستطيع بسط سيطرتهاعلى العاصمة حتى الآن، في مجمع مركز واقادوقو للمؤتمرات في سرت والذي استضاف قمة الاتحاد الأفريقي في 1999.

وتشير الأحرف الذهبية الموجودة فوق المدخل إلى أنه المقر الرئيسي للحكومة، لكن أجنحة المبنى لم تعد تحوي أي نوافذ كما أن الثقوب التي خلفتها القذائف تجوِّف الهياكل المحيطة بالمبنى.

وعندما سيطر تنظيم الدولة الإسلامية على سرت في 2015، اختار مقاتلوه أيضا مركز مؤتمرات واقادوقو مقرا لهم، ورفعوا علمهم الأسود عليه حتى هزيمتهم في 2016.

وفي بادئ الأمر، تم إنشاء الحي 600 الذي يقطنه عمر كمسكن للضيوف المشاركين في قمة الاتحاد الأفريقي، التي جذبت قادة من جميع أنحاء القارة وشكلت مرحلة بارزة في عمر المدينة لم تدم طويلا.

وتعرضت المدينة للدمار في بادئ الأمر عام 2011 ثم في القتال الذي نشب عام 2016 لطرد تنظيم الدولة الإسلامية من ليبيا، عندما كانت المدينة تحت سيطرة حكومة طرابلس.

وفي أوائل عام 2020، سيطرت قوات الجيش الوطني الليبي بزعامة خليفة حفتر على سرت في إطار هجوم أوسع نطاقا انهار بعد ذلك بأشهر مما أدى إلى عملية سلام استمرت عامين باتت تتعرض الآن لضغوط شديدة.

– إطلاق نار-

قال زايد هدية، عضو مجلس النواب عن سرت، إن حكومة باشاغا تمثل مصالحة وطنية، مبررا ذلك بقوله إن باشاغا ساعد على قيادة المقاومة ضد الهجوم الذي شنه حفتر على طرابلس في السابق.

ولكن بينما يوجد ملصق ضخم لحفتر على الحائط بجوار مكتب رئيس بلدية سرت، لا توجد أي صور لباشاغا.

وفي حديث له مع رويترز، قال باشاغا إنه يسعى للحصول على تمويل لأعمال إعادة الإعمار في سرت، بيد أنه لم يتمكن بعد من الوصول إلى الموارد المالية للدولة.

وفي الحي رقم 600، لم يكن لدى جار عمر المدعو عبد الكريم الشحومي، 57 عاما، أمل يذكر في أن تؤدي المناورات السياسية الأخيرة إلى تحسين ظروف حياته المعيشية.

وقال الشحومي إن “الحكومة أشبه بكرة قدم يركلها كل جانب من أجل مصالحه الخاصة”. وتساءل “هل ستتغير الأمور الآن؟ لا، لن يحدث أي تغيير”.

ومثل جميع من تحدثت إليهم رويترز في سرت، يرى الشحومي أن انتفاضة 2011 مؤامرة أجنبية لتدمير ليبيا، وقال إنه يتوق لتلك الأيام الخوالي الهادئة عندما كان القذافي يغدق بالأموال على المدينة.

وقبل أن يتحدث، سُمع صوت إطلاق أعيرة نارية على مقربة –يبدو أن أحدهم كان يستعرض أو يحتفل وليس ناجما عن قتال- حيث قال الشحومي إنه سئم من انتشار الأسلحة في كل مكان.

وأصبحت المدرسة التي كان يدرِّس فيها عمر والتي بدأ أطفال الشحومي التسعة تعليمهم فيها في حالة دمار. وبات يتحتم عليهم أن يسيروا عدة كيلومترات للوصول إلى مدرسة أخرى.

كما أن المتجر الذي اعتاد الشحومي شراء الأطعمة المدعومة منه أغلق أبوابه بعد الانتفاضة، مثل الكثير من المتاجر الأخرى في جميع أنحاء ليبيا. ولا يزال المتجر خاليا بالقرب من الميدان الذي نفذ فيه تنظيم الدولة الإسلامية حالات إعدام علنية ذات يوم.

وفي الواجهة البحرية، يطل محل الأجهزة الكهربائية الذي يمتلكه محمد القلاي على البحر المتوسط، لكن سقف المبنى منهار ولا يصلح للاستخدام فيه سوى الطابق السفلي فقط.

وقال القلاي “كلما وقعت حرب، فإنها تحدث في سرت”، معربا عن قلقه من احتمالية تصعيد المواجهة بين باشاغا والدبيبة.

وأضاف “لا شيء في ليبيا يجعلني متفائلا”.

المصدر/ وكالة الصحافة الفرنسية.

Comments are closed.

نحن لا نقوم بجمع بياناتك ولا نقوم ببيعها، نحن فقط نستخدم بعض الكوكيز التي قد تساعدنا في تطوير الموقع او تساعدك فيي الحصول على الصفحات بشكل أفضل موافق/ة إقرأ المزيد